المسنون ولعبة الشطرنج

     تعتبر الألعاب الذهنية من أهم المجالات التي يمكن أن يهتم بها كبار السن، حيث تساهم في الحفاظ على نضارة الإدراك العقلي والمنطق، وتنشيط الذاكرة بشكل كبير. ومن بين هذه الألعاب تأتي لعبة الشطرنج في المقدمة.

كيف نشأت لعبة الشطرنج؟ أين نشأت؟ ومن يعود الفضل في اختراعه؟

يعود تاريخ لعبة الشطرنج إلى حوالي 15 قرنا أو أكثر، إلا أن المؤرخين لم يتفقوا على الأصل الفعلي لهذه اللعبة. من مخترع لعبة الشطرنج؟ سؤال صعب الإجابة عليه.

 

      هناك العديد من القصص حول من أين أتت. يزعم البعض أنها جاءت من الصين، بينما يقول آخرون إنها وصلت إلى الهند في القرن السادس أو السابع الميلادي على يد رجل يُدعى شانو نانا في ثم شقت طريقها لاحقًا إلى بلاد فارس. وبعد أن فتح المسلمون بلاد فارس، انتشر الدين في جميع أنحاء البلاد العربية ثم في جميع أنحاء أوروبا. ويعتقد البعض أن النبي سليمان هو أول من عزفها. ونظرًا لاستخدامها الواسع النطاق، فقد ارتبطت اللعبة أيضًا بالعديد من الحضارات، بما في ذلك الحضارتين العراقية والمصرية.

 

      تستمر لعبة الشطرنج الشهيرة في السيطرة على عالم الألعاب في عصر لا يعترف إلا بألعاب الفيديو والإنترنت. وعلى الرغم من الطلب الكبير على ألعاب الكمبيوتر والألعاب الافتراضية بين اللاعبين، إلا أن مكانتها ونسبة مشاهدتها لم تتضاءل. هناك دول يكون فيها تدريس الشطرنج كمادة في المناهج الدراسية لأطفال المدارس نتيجة لمزايا اللعبة وتأثيرها على الشخصية.

 

      علاوة على ذلك، وخلافًا للاعتقاد السائد، فإن لعبة الشطرنج لم يتم تحديثها أو إفسادها منذ بداية الزمن. بل إن اللعبة تغيرت وتطورت مع مرور الوقت. على العكس من ذلك، شهدت قواعد الشطرنج العديد من التعديلات. ربما تكون حقيقة سيطرة لعبة الشطرنج على صناعة ألعاب الفيديو، وأصبحت سهلة الفهم واللعب على أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، أفضل دليل على تطور اللعبة. علاوة على ذلك، كل ما يتطلبه الأمر لبدء التنافس ضد الأفراد في جميع أنحاء العالم هو أن نتمكن من الوصول إلى تطبيق الألعاب أو موقع الويب.

عرفت لعبة الشطرنج بأنها لعبة يلعبها المثقفون والعباقرة. من الطبيعي أن يفترض الإنسان أن من يستمتع بالشطرنج هو شخص ذكي ورائع وقادر على التحدي. لقد اعتدنا جميعًا على هذه الصورة النمطية.

 

      تشجع لعبة الشطرنج اللاعبين على التفكير بشكل استراتيجي كما لو كانوا منخرطين في القتال وهي مستوحاة في المقام الأول من الحرب.

وفقًا لتصنيف موقع FIDE، حتى الآن، تعد الولايات المتحدة والصين والهند وروسيا هي الدول الأربع الأولى في العالم التي لديها أفضل لاعبي الشطرنج الذين ليس لديهم خصوم.

غالبًا ما يعتقد لاعبو الشطرنج أن لديهم أدمغة رياضية قوية وذكاءً لامعًا، وهو ما يتوافق مع رأي عامة الناس حول فوائد اللعبة فيما يتعلق بالقدرات المعرفية للاعب. لهذا السبب، يحاول الكثير من الآباء تعليم أطفالهم كيفية لعب الشطرنج على أمل أن يؤدي ذلك إلى رفع معدل الذكاء لديهم وإعدادهم للنجاح في مجموعة من المواضيع.

 

       بصرف النظر عن حقيقة أن الشطرنج  لعبة رائعة ذات تاريخ طويل، ليس لدينا أي دليل على أن لعب الشطرنج يزيد من الذكاء. ومع ذلك، يمكننا إثبات أن لاعبي الشطرنج، في المتوسط، أكثر مهارة إدراكيًا من غير اللاعبين. وقد تبين أن بعض الخصائص المعرفية، مثل التفكير السريع والذاكرة والمرونة، ترتبط بالمهارات المطلوبة للعب الشطرنج. في حين أنه من المؤكد أن القدرة المعرفية العامة ومهارات الشطرنج مرتبطة ببعضها البعض، فهل هذا مجرد نتيجة لكون الأشخاص الأكثر ذكاءً لاعبين متعطشين، أم أن لعب الشطرنج يعزز الذكاء حقًا؟ الحيلة العقلية هي أن فكرة أن لعب الشطرنج يحسن الذكاء مبنية على افتراض أن الذكاء والتركيز ضروريان للعبة - وهي صفات ضرورية أيضًا للكتابة والقراءة والرياضيات - ولكن يتم التحقق من صحتها أثناء الانخراط في اللعبة.